الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

تبادل المواد بين الكائنات الحية


















1- مفهوم الحياة :
الحياة ظاهرة معروفة في المجال الأرضي كنظام متكامل من فعاليات تملك طاقة معبرة عن ذاتها في دخول مكونات عضوية بنيتها الأساسية قائمة على التواصل والتكاثر الذاتي ضمن نظام حيوي فاعل في بنيتها يجعلها مغايرة تماماً للمادة غير الحية ، كما أن حقيقتها ليست سهلة بالقدر المعتاد ، فالقدرة على الحياة يدخل في صميمها صفتان أساسيتان أحدهما وجود البروتينات والأحماض النووية والثانية هي القدرة على القيام بعمليات التمثيل الغذائي .
فالتمثيل الغذائي المستمر مع البيئة الخارجية شرطاً أساسياً للنشاط الحيوي للكائنات الحية ، فكل وجود حيوي سواء أكان خلية أو جزء من كائن أو الكائن كوحدة متكاملة في علاقة تبادل مستمر مع البيئة المحيطة به ، فالتبادل الغذائي في الوسط الحيوي هو الشرط الأساسي لوجود وتجدد الكائنات الحية كما أن القدرة على التكاثر وإنتاج أفراد يحملون الصفات والقدرة على التجديد والتلائم والتكيف ، كما أن الكائنات الحية تمتلك قدرة على التنبيه والحركة نابعة من قدرة الكائن على إتمام التمثيل الغذائي ، فالحركة قائمة في الوجود بدون حياة فجزئيات الماء والهواء في حالة من الحركة الدائمة والاليكترونات والجسيمات داخل الذرة في حالة حركة مستمرة ، كما أن الكواكب هي نظام من الحركة الدائمة ، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن اعتبارها ضمن نظام الحياة .
هناك أنواع حية تتصف بالسكون الظاهري مثل بذور النباتات تكون في حالة سكون ولا يظهر عليها النشاط الحي إلا بعد وضعها في تربة رطبة تعيد إليها النشاط الحي وبعض الحيوانات يكون التمثيل الغذائي لديها ضعيف عندما توجد في حالة سبات ولا تظهر عليها سمات الحياة إلا بعد تزايد النشاط الحراري حولها ، فالتحديد الواضح لمفهوم الحياة يقودنا إلى أن الحياة هي طريقة وجود وعيش الأجسام البرية والمائية والهوائية القائمة على التجدد المستمر لكامل المكونات الكيماوية لهذه الأجسام .
فالحقيقة الحية حقيقة فاعلة ومتغيرة ونشطة تمتلك بنية عضوية مكونة من مركبات عضوية متفاعلة تستخدم الطاقة الحية في بناء وجودها وتلفظ الفضلات والحرارة ، إن ميزاتها الحية نابعة من قدرتها الضمنية لتحقيق فعالية مغايرة في وجودها للنظام غير الحي .
2- الحدود الفاصلة بين المادة الحية والمادة غير الحية :
الحلقة الهامة والانتقالية الفاصلة بين عالم الحياة واللا حياة هي الفيروسات لأنها غير قائمة على التمثيل الغذائي في عملياتها الداخلية والحيوية غير أنها صورة أولية من البروتينات فخصائصها الغير حية تجعلها غير قادرة على التنفس ولا تمتلك تركيب خليوي يجعلها قادرة على إجراء العمليات التفاعلية الحية وليس لها نواة ولا سيتوبلازما ولا أعضاء خلوية وغير قادرة على التكاثر خارج الجسم المضيف ، أما الخصائص الحية في وجودها تتمثل في قيامها بعمليات التكاثر ونقل الصفات داخل الجسم المضيف وهي قادرة على إحداث خلل في بنيته بما يؤدي إلى حدوث أمراض فتاكة وقاتلة كالسل والإيدز وغيرها وتمتلك خاصية المقاومة الهائلة للتغيرات في مجرى وجودها ، فإذابة هذه الفيروسات وإعادة ترشيحها يجعلها قادرة على الحياة من جديد فخصائصها البنيوية قادرة على أن تعيد نفسها في ظروف مناسبة لوجودها ، والجدل الدائر حول وجودها يتمحور حول قضية منشأها ، فهل الفيروسات في العصر الراهن نفسها الفيروسات البالغة القدم والتي كانت هي الحد الفاصل بين الحياة الحية وغير الحية أم هي ظاهرة نشأة داخل الخلايا الحية للكائنات بعد تشكلها ، لأن الفرق في التكوين يقودنا إلى استنتاجات مغايرة لما هو مقرر حول نشأة الحياة وتطورها اللاحق في مجال النشوء الحي .
3 – عمليات التمثيل الغذائي وطرح الفضلات :
عمليتا التمثيل والطرح مترابطتان ومنسجمتان في الكائنات الحية لأن وجود أحدهما يتضمن وجود الأخرى ، فعملية التمثيل تقوم على استهلاك وتحويل كافة العناصر الداخلة إلى الخلية الحية إضافة إلى الطاقة الحرة ، إنها جميع العمليات الجارية لتحويل المواد العضوية والمعدنية والأكسجين والماء وغيرها ويتم طرح المواد الناتجة عن التحويل عبر طرق مختلفة ، ففي الكائنات الحية الراقية يتم طرحها عن طريق العرق والبول والبراز وبالتالي فإن الأحياء جميعاً تقوم على التبادل الحيوي بين الكائن والوسط الطبيعي ، فالكائن يأخذ من الوسط لوازمه الغذائية ويعطيه نواتج الإطراح .
ويمكن لكائنات حية كثيرة أن تعيش على نواتج إطراح كائنات أخرى تقوم بالتغذية على نواتجها وتحليلها ، فالسلسلة الترابطية عند الأحياء وثيقة الصلة ، فأي خلل في نظامها المحكم يؤدي إلى واقع يؤذي حياة الكائنات الآخرى ، لأن واقع الترابط بين الكائنات الحية يوفر مجالات هامة لوجود الأحياء وتطورها .
4 – التحولات الغذائية وخصائصها في بنية الكائنات الحية :
جميع التحولات القائمة في عمليات التحويل الغذائي تتراوح بين الفاعلية الشديدة والنشيطة في بعض الكائنات ، وانخفاض قدرة التحويل في كائنات أخرى .
وتكون عمليات التمثيل الغذائي على درجة عالية من التخصص فهي تختلف داخل أفراد النوع الواحد من الكائنات الحية ويمكن أن تكون هذه الاختلافات ذاتية ومتمايزة في الفرد الواحد ، إنها تختلف في كل جهاز من أجهزة الكائن الحي ، ويمكن أن تتأثر بمظاهر مختلفة تبعاً لنظام الحياة وموقعها وظروفها المناخية والظرف الزمني ، فالعمر يؤثر على عمليات التمثيل الغذائي فهي أكثر نشاطاً وتحريراً للطاقة في الكائنات الحديثة العمر عنها في الكائنات المتقدمة في العمر ويمكن أن تتأثر بالظروف الموسمية ، ففي أوقات معينة يكون النشاط الغذائي أضعف منه في فصول أخرى كما أن وجود الرطوبة والحرارة المناسبة تنشط عمليات التمثيل الغذائي عند النباتات ، وينخفض التمثيل الغذائي في الحيوانات عند مرورها بمرحلة السبات الشتوي فدرجة الحرارة التي يفرزها الجسم تعتبر دليلاً هاماً على مدى نشاطه الحيوي وفاعلية التمثيل الغذائي في خلاياه ، فحيوانات الدم البارد لا تستطيع تأمين الوسط المناسب لعمليات التمثيل الغذائي في بنيتها ويرتفع هذا النشاط بارتفاع درجات الحرارة فيزداد نشاطها وتتغير ملامحها الحركية ، وتصبح أكثر فاعلية مع تزايد درجات الحرارة بالارتفاع ، ويقل نشاطها كثيراً في الظروف الباردة ويصل إلى درجة الخمول أو السبات .
أما الحيوانات ذات الدم الحار فإنها قادرة على تأمين الحرارة عن طريق الفعل الذاتي ، إنها تقوم بعملياتها الحيوية وكافة أنظمة التمثيل الغذائي في أجواء من الحرارة توفرها ذاتياً ، إنها خاصيّة نشأة عنها صيغة تنظيم نشاط العمليات الأساسية للتمثيل الغذائي غير أن هذه الواقع له حدود ، فيمكن خفض هذه القدرة عند تعريض الكائنات للتبريد المفاجئ فيقل نشاطها ويقل استهلاكها للأوكسجين والطاقة .
فالعلاقة الحيوية للكائنات الحية مرتبطة بشكل وثيق بظروف تواجدها ، وإن قدرتها الظاهرية ناتجة عن الظروف المناسبة لهذه الحياة ، وإن حدوث تغيرات جوهرية في مجال النشوء الحي قد يعرض الكثير من الكائنات للانقراض نظراً لعدم قدرتها على التلاؤم مع الظروف المستجدة والقاهرة فتغيير نسبة الملوحة في بعض البحيرات نتيجة رمي النفايات والمخلفات الصناعية وغيرها من المواد الضارة يؤدي إلى الإخلال بالنظام الحيوي لوجود الأحياء فيها ويجعل الأحياء غير قادرة على تخليق مواد بنائية في أجسامها فتختنق وتموت .

ليست هناك تعليقات: