الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

علاقة علم الحياة بمجال النشوء الحي

















الحياة نشوء مستمر متعاقب الأنماط والتنوعات والأشكال لأن الحياة واقع مفتوح على الكون وهي إحدى خصائصه الأساسية . فعلم الحياة يتعمق في مجال وعيه ليدرس كافة أنماط الحياة وأشكالها وقوانينها ، وعندما يتمكن من معرفة القوانين الجوهرية للحياة سيكتشف النظم القابلة لإحتواء الحياة ، لأن مجال المعرفة القائمة على العلم تتحدد وفق منظور قائم على الخصائص الأرضية لوجود الحياة ، فالواقع الأرضي مرتبط بالحياة النمطية الكائنة في وجوده وهي قائمة على التفاعل بين المحيط الضامن لوجود الحياة وبين الكائنات الحية فكل الميزات والخصائص تجعل الواقع الحي يسير ضمن اتجاه موحد وهذا ما يؤكده العلم الخاص بدراسة الحياة في المجال الأرضي ، إنه يقوم بدراسة جميع الكائنات إبتداءاً من الفيروسات البدائية جداً وصولاً إلى الإنسان أرقاها وأكثرها مقدرة على التكيف وصناعة الأنماط والمنشأة والنظم وكافة البرامج المؤدية لتأمين أفضل الظروف للنمو والتطور .
فعلم الحياة يدرس مختلف الكائنات الحية في تطورها وتغيراتها المستمرة ومظاهر نشاطها الحي وعلاقتها بالوسط البيئي المحيط بوجودها . فالعوامل والعلاقات المتفاعلة مع الوجود الحي تجعله وثيق الارتباط بالمؤثرات الخارجية المحيطة بوجوده لأن وجوده المرتبط بها يتكون وفقاً لمقتضياتها أثناء ظهوره ، فيخرج وجوده مطابقاً لمؤثراتها ويتكيف مع متغيراتها المرتبطة بنظامها المتبع في مجال النظام الشمسي التابع لمقتضياته .
علم الحياة يدرس إحدى جوانب العلوم الطبيعية ويتعمق في المسائل الحيوية الداخلة في نظام الحياة ، وأساس تكوين الأحياء وتطورها وعلاقاتها التبادلية ، فهو علم متسع يغطي مجالاً واسعاً من المعرفة الإنسانية ، وفي تطوره اللاحق سيؤدي حتماً إلى معرفة علمية تفوق التوقع ويمكن أن يصل إلى معرفة النظم الكونية القابلة لإحتواء الحياة ، وقد يتوصل إلى مفارقات مذهلة في معرفة جميع النظم الحية في الكون والأساس التكويني لظهور الحياة وتطورها ، ويمكن أن يتوصل إلى تخليق حياة جديدة خارج نظامها الطبيعي ، إنه يؤسس بنية علمية قادرة على تعميق الوجود الحي وإعداد حقائق مذهلة عن طبيعة الحياة وكيفية تطورها اللاحق .
ويشتمل علم الحياة على علوم فرعية مستقلة بذاتها ومتخصصة في ميادين مختلفة من وجوده ، كعلم التطور المختص بدراسة التغيرات والتبدلات الجارية على الأحياء وعلاقة هذه التغيرات بالوسط البيئي ، ويدرس الكائنات المنقرضة والمتحجرة في طبقات الأرض المختلفة ويتعمق أكثر في معرفة نظام الكائنات الحية السحيقة في القدم ، فعلم المستحاثات هو العلم المكتشف للتوضعات الحية في طبقات الأرض وإدخالها إلى نظام التاريخ الحي ، كما أن علم الوارثة له دور في معرفة انتقال الصفات الوارثية يبين الأجيال ويمكن أن يتعمق كعلم قادر على اكتشاف الأساس التكويني لمجمل اللغة الوراثية ومعرفة كافة المؤثرات والخصائص الداخلة في نظامها ، إنه علم يرتفع بالتجارب لتحقيق غايات تنسجم مع الطموح الإنساني في معرفة كافة الوسائل والأساليب القادرة على تفعيل النشاط الحي ، وتأمين السلامة الفعلية لهذا النشاط في واقع التناقض الصارخ .
فالتلازم الواضح بين علم الوراثة وعلم الأجنة يعزز قدرة الخلق ومعرفة جميع المتغيرات الجارية على تكوين الكائن الحي والمراحل المتتابعة لتطور الكائن في الوسط الطبيعي ومدى القدرة على تحقيق تزايد مطرد لعمر الأجيال وبالتالي تأخير الإنهيار في بنية الكائن وإطالة عمره أكثر .
علم الحياة علم متعمق في معرفة البنى الداخلة في نظامه إنه يدرس المظاهر الشكلية للأعضاء وصفاتها الظاهرية ، إنها المظاهر المورفولوجية للكائن الحي وسماته الهيكلية العامة القائمة على الملاحظة الدقيقة لكامل البنية العامة للكائن وتصنيف الأحياء إلى مجموعات ومراتب متخصصة بوظيفة معينة أو تمتلك صفات ظاهرية معينة مثل ( الرخويات - الفقاريات – الثدييات ) وهذه التصنيفات متعمقة في بنية الوجود لأنها تؤدي إلى الوصف التبايني للأحياء في خصائصها النوعية .
أما الوظائف الحيوية لأعضاء الكائنات الحية وبنيتها التفاعلية ونظامها المتكامل في تحقيق الإنسجام الداخلي لتأمين البقاء الحي للكائن وقدرته على التفاعل مع الوسط الطبيعي والبيئي فإنها تدخل ضمن نظام علم الوظائف أو ما يسمى بعلم الفيزيولوجيا ، لأنه العلم المسؤول عن دراسة العمق التكويني لبنية الأعضاء والتبادلات الجارية فيما بينها ، مما يوسع الارتباط بين علم المظاهر الشكلية وعلم الوظائف البنيوية للكائن الحي ويعمق المحتوى الإجمالي للمعرف الصادرة عن علم الحياة .
ويمكن أن يتعمق علم الحياة في دراسة مسائل أكثر جوهرية تقوم على معرفة التبدلات والتغيرات الكيميائية والنظام الترابطي للتفاعلات الحية داخل الأنسجة والخلايا في المحيط العضوي ، فينشأ عن هذه الدراسة علم الكيمياء الحيوية لأنه مخصص للتفاعلات الجارية ضمن نظام كيميائي حيوي على درجة عالية من الجاهزية والقدرة على توليد مركبات متناسبة مع وضع الكائنات الحية ومعرفة التغيرات الوظيفية للكائن الحي من خلال هذه التفاعلات وبالتالي تتحد الفيزياء مع الكيمياء الحيوية لإعطاء العمليات الجارية ضمن نظام الفيزياء الحيوية والبيولوجية لأنها تفيد الترابط المتناسق بين ما يجري من مؤثرات وبين ما يجري من تفاعلات ، وهذا ما يعطي الدليل على أن الحياة نظام متداخل في قدراته الموضوعية الدائمة التفاعل والمعدة لتأمين حياة نمطية بخصائص جوهرية قائمة على طاقة الإبداع الخلاق ضمن علميات النشاط الحيوي .
فعلم الحياة العامة ( البيولوجيا ) يدرس كافة قوانين الحياة الجارية وتطور الأحياء المتتابع والنظم المختلفة للأحياء وكافة الخصائص الكاملة للكائنات الحية الدقيقة والنباتات والحيوانات والإنسان ضمن مجال النشوء الحي .
علم الحياة في عصرنا الراهن هو القاعدة الأساسية والكلية لجميع العلوم التي تدرس الحياة وظواهرها المتنوعة ، إنه علم يتضمن العلوم الطبيعية بكافة اختصاصاتها النظرية والتطبيقية ومجمل البنية العامة للحياة بما في ذلك العلوم الصحية والوقائية ومختلف المؤثرات على الوجود الحي كالطفيليات والمواد السامة والفيروسات وكل ما يتعلق بالأساس البنيوي والتكميلي وحتى التجميلي لكل ما هو حي ، إنه علم متوافق مع وجوده وضمن نظام معرفته وعمق قدرته للبحث في الواقع الإجمالي للنشاط الحي ، كما يؤدي إلى تأمين البدائل الضرورية لما هو سيئ في نظام الحياة من خلال الكشف التعويضي والكشف القادر على القضاء لكل ما يؤدي لتخريب البناء الحي وكافة النظم الحية القادرة على إنهاك أو إتلاف المظاهر المتنوعة للأجيال . إنه العلم الموجه للحياة ومنقذها من جميع الأمراض الفتاكة القادرة على تعميم وجودها الفاعل ضد نظام الأحياء الراقية ( كالسل – والسرطان – والإيدز ) وغيرها من الأمراض المتتابعة في الانتشار مع التقدم الإنساني ضمن أجواء خالية من الاحترام والتفاهم المتبادل بين الإنسان ومحيط النشوء الحي .
هناك اتصال وثيق بين العلوم الزراعية وعلم الحياة لأن الواقع الزراعي يتبادل التأثير مع علم الحياة في نواحي متعددة ابتداءً من التنوع الحيوي المرافق للتنوع الزراعي وقدرة الأحياء على التأثير في الواقع الزراعي ودخول نظام الحشرات والأحياء الضارة به وضرورة تأمين نظام المكافحة الحيوية القادرة على إعطاء نظام حي قادر على التفاعل المباشر بين الأحياء القائلة للأحياء القاتلة للنبات والمزروعات وبالتالي تأمين واقع مناسب من المكافحة الحيوية في نظام بيئي حديث ومتطور يغني الوجود في إمكانياته الزراعية والحيوية المنشطة لنظام الزراعة الطبيعية كما أن علم الحياة يوفر السبل الكفيلة بإعداد إنتاجية حيوانية قادرة على تكميل المتطلبات المتزايدة للنمو السكاني وقدرة الحصول على أصناف جديدة ومحسنة من الحيوانات الأليفة قادرة على إنتاج عالي النوعية والفائدة في المجالين الزراعي والحيواني وتأمين أنسب الظروف للملائمة والتكيف في مجال النشوء الحي الخالي من المؤثرات الضارة بالحياة والبيئة .

ليست هناك تعليقات: